ضاع تابوت العهد
من اليهود فى إحدي حروبهم مع أعدائهم من العمالقة .. سلبه منهم أعداؤهم
وفيه السكينة وبقية مما ترك آل موسي و آل هارون _ عليه السلام وقد كانوا
ينتصرون
علي أعدائهم
ببركة وجود التابوت معهم ..
وسلط الله علي
اليهود أعداءهم فأذلهم الملوك من بعد عز واحتلوا ديارهم وفرضوا عليهم
الجزية يدفعونها وهم صاغرون مستذلون ..
وقد كان هذا
العقاب من الله تعالي جزاء كفرهم وعصيانهم وتحريهم شريعتهم وتكذيبهم
لأنبياء الله جميعاً من سبط لاوي وهو سبط الأنبياء فى بني إسرائيل بينما
كان الملوك من سبط يهوذا
ولم يبق من سبط
لاوي سوي امرأه واحدة حامل وكان بنو إسرائيل يدعون الله تعالي أن يرسل لهم
نبياً من سبط النبوة ..
لذلك أخذوا هذه
المرأة وحبسوها فى بيت وقاموا علي رعايتها حتي تضع مولودها والذي سوف يكون
نبياً ..
وأخذت المرأه
تدعو الله أن يرزقها غلاماً فلما وضعت غلاماً أسمته سمعون لأن الله تعالي
سمع دعاءها واستجاب لها فوهبها ولداً وهو بالعبرية أشمويل أي إسماعيل ..
تربي الغلام حتي
كبر فأسلمته إلي بيت المقدس ليتعلم التوراة فكفل الغلام شيخ من علماء بني
إسرائيل وتبناه حتي بلغ مبلغ النبوة وكان الشيخ يخاف عليه ويرعاه حتي لا
ينقطع سبط النبوة من
بني إسرائيل ..
وذات ليلة كان
أشمويل نائما بجوار الشيخ معلمه وكان الشيخ لا يأمن عليه أحداً غيره ..
وأراد الله تعالي أن يرسل أشمويل نبياً إلي بني إسرائيل ، فأرسل إليه
الملاك جبريل عليه السلام
فناداه جبريل
قائلاً : ياأشمويل ..
ونهض أشمويل من
النوم فزعاً إلي الشيخ وقال : ياأبتاه هل دعوتني ..؟؟
تعجب الشيخ لكنه
كره أن يفزع أشمويل إذ قال له : إنه لم يناده ولذلك أمره أن يعود إلي النوم
..ورجع أشمويل لينام فناداه جبريل مثلما ناداه فى المرة الأولي فنهض
أشمويل فزعا إلي
الشيخ وسأله :
ياأبتاه هل ناديتني ..؟؟
خاف الشيخ أن
يفزعه إن قال له إنه لم يناده ولذلك أمره قائلاً : ارجع فنم يابني فإن
دعوتك المرة الثالثة فلا تجبني .
ومثلما حدث فى
المرتين السابقتين عاد أشمويل لينام وفى هذه المرة ظهر له جبريل عليه
السلام وقال له : اذهب إلي قومك فبلغهم رسالة ربك فإن الله قد بعثك فيهم
نبياً .
وذهب أشمويل عليه
السلام إلي قومه فأخبرهم أن الله تعالي قد أرسله إليهم نبياً ، فماذا كان
جواب قومه عليه ..؟؟
سخروا منه كما
سخروا من كل الأنبياء من قبله ومن بعده وكذبوه من قبل ومن بعد .. استخفوا
به لصغر سنه قائلين : لقد استعجلت بالنبوة ياأشمويل .. أنت لم تزل صغيراً
فكيف
تكون نبياً ..؟
وحاول أشمويل أن
يقنعهم بأنه صادق فيما يخبرهم به ، فقالوا له : إن كنت ياأشمويل صادقاً
فيما تزعم فابعث لنا ملكاً حتي يجمع شملنا ويوحد صفوفنا لكي نقاتل معه فى
سبيل الله ..
وقد كان أشمويل
عليه السلام عالماً بما تنطوي عليه نفوس بني إسرائيل من مكر وخديعة وجبن
وعند ملاقاة الأعداء ولذلك قال لهم :أخشي أن فرض الله القتال وكتبه عليكم
أن تجنبوا عند
ملاقاة الأعداء
وتفروا من ميدان القتال ..
فرد عليه الوم
قائلين : ولماذا لا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا الأعداء من أرضنا
وديارنا وأسروا أبناءنا وفرضوا علينا الجزية ؟! لماذا لا نقاتل فى سبيل وقد
سلب أعداؤنا منا تابوت
العهد وفيه
السكينة وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون ..؟
وقد ظهر فيما بعد
أنهم لما كتب الله تعالي _ عليهم القتال جبنوا عن لقاء الأعداء وتولوا
راجعين إلا قليلاً منهم ..
أخبرهم أشمويل
بعد ذلك أن الله تعالي قد اختار لهم طالوت ملكاً وأن عليهم أن يطيعوه
ويقاتلوا تحت لوائه ..
وكان جواب بني
إسرائيل علي نبيهم أنهم استنكروا اختيار طالوت ليكون ملكاً عليهم برغم أن
الله تعالي هو الذي اختاره لهم .. وهذه هي عادة اليهود فى كل زمان ومكان ..
المجادلة
الاستنكار حتي لو
كانت المجادلة مع الله وأنبيائه ..
استنكر بنو
إسرائيل أن يكون طالوت ملكاً عليهم لأنه ليس من سبط الملوك فقد كان طالوت
من سبط بنيامين ولذلك قالوا لنبيهم : كيف يكون طالوت ملكاً علينا ؟! نحن
أحلق بالملك منه
إن طالوت فقير
وليس لديه مال ولذلك لا يحق له أن يكون ملكاً علينا ..
ورد عليهم أشمويل
قائلاً : إن الله فضل طالوت عليكم وزاده عليكم فى العلم والقوة وطول الجسم
.. والله تعالي يعطي ملكه لمن يشاء من عباده ، فلا دخل لي ولا لكم فى هذا
الاختيار
، لأنه اختيار
الله وحده
وظل القوم يلوون
أعناقهم ، غير مقتنعين بأن يكون طالوت ملكا عليهم .. وهنا قال لهم أشمويل :
ان بركة طالوت عليكم أن الله سوف يرد عليكم تابوت
العهد الذي سلبه
منكم أعداؤكم والذي ستعود إليكم الانتصارات علي أعدائكم ببركة وجوده بينكم
سوف تاتي الملائكة وهي تحمل التابوت وسوف ترونهم بأعينكم
وفي ذلك دلالة
علي صحة ولاية طالوت واختياره ملكاً عليكم وهكذا رضي القوم بطالوت ملكاً
علي مضض وانتظروا أن يأتيهم التابوت تحمله الملائكة كما
وعدهم نبيهم ..
وأصبح القوم فرأوا الملائكة وهم يحملون تابوت العهد ويضعونه بين أيديهم بعد
أن استردوه من أعدائهم فاستبشروا بطالوت ورضوا به ملكاً
عليهم وبدأ طالوت
عهده كملك لبني إسرائيل وأعد جيشاً جراراً قال بعضهم إن عدة هذا الجيش
ثمانون ألف مقاتل وجهزه لقتال أعدائهم من العمالقة سكان
فلسطين ..
وكان علي رأس
العمالقة ملك جبار يسمي جالوت وكان جيشه قوياً بصوره مخيفة ..
وقبل أن يتحرك
طالوت بجيشه لملاقاة جيش جالوت علي الضفة الأخري من نهر الأردن قال طالوت
لجنوده : إن الله تعالى سوف يبتليكم بنهر فلا تشربوا
منه لأن من شرب
منه حتى يرتوى فسوف يخرج من الجيش ولن تكون له قدرة علي لقاء الأعداء ..
أما من أخذ غرفة واحدة من الماء بيده فسيكون فى
جيشي ..
وسار طالوت
بجنوده حتي وصلوا النهر فهجم معظم الجيش علي الماء وأخذوا يشربون ناسين
تحذير طالوت لهم ففرت همتهم وضاعت حماستهم فجبنوا وخافوا
من لقاء جالوت
وجنوده ..
أما القلة
القليلة من الجيش فقد امتنعوا عن الشرب من الماء وصبروا علي عطشهم وقد
آثروا طاعة الله .. فلما عبروا النهر ورأوا جيش جالوت الكثير
العدة خافوا
وقالوا لطالوت :إنهم لا قدرة لهم على قتال جالوت وجنوده نظراً لقلتهم وكثرة
عدد أعدائهم .. فردت عليهم القلة المؤمنه فى الجيش : كم من
فئة قليلة غلبت
فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ..
وهكذا تقدم طالوت
بمن معه من جنود قليلين لملاقاة جالوت وجنوده فدعا المؤمنون فى جيش طالوت
ربهم طالبين منه أن يفرغ عليهم الصبر وأن يثبت أقدامهم
وأن ينزل عليهم
السكينة ويمنحهم القوة والشجاعة والثبات عند لقاء عدوهم وأن ينصرهم علي
جالوت وجنوده ..
وقف جيش طالوت فى
مواجهة جيش جالوت وكان جالوت من أطول الناس وأشدهم بأساً وقوة فى الحرب
والقتال فخاطب طالوت طالباً منه أن يتقدم لمبارزته
أو يخرج له من
بين جنوده من يبارزه فإذا قتل جالوت صار جيشه ملكاً لطالوت وإذا قتل طالوت
صار جيشه أسري فى أيدي جالوت وجنوده ..
ونادي طالوت بين
جنوده طالباً من يخرج لمبارزة جالوت ووعد من يبارزه ويقتله بأن يزوجه ابنته
ويقاسمه ملكه فلم يجرؤ أحد من فرسان طالوت علي الخروج
لمبارزة جالوت
خوفاً من قوته وبطشه وفي هذه الأثناء تقدم راع صغير وأعلن استعداده لمبارزة
جالوت فأشفق عليه الجميع من الموت حتى جالوت نفسه حاول
أن يرده عن
مبارزته لكن هذا الراعي الصغير برغم ضعف قوته تمكن من قتل جالوت وهزيمة
جيشه ولم يكن هذا الراعي الصغير سوي نبي الله داوود عليه
االسلام .....